الحمد لله ربنا الواحد الأحد والشكر والثناء لخالقنا الفرد الصمد ... والصلاة والسلام على نبينا محمد خير من أرسله الله سبحانه وتعالى ليخرج العباد من الظلمات إلى النور إلى الأبد ... أخوتي وأخواتي الأحبة في البيت المدريدي ورابطة القلم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... لا زلت أستمتع بالمباريات التي قدمها ريـالنا الحبيب في الموسم الماضي في بطولة دوري أبطال أوروبا ... فتارة أعيد مشاهدة المباريات الأربعة الأخيرة وتارة أشاهد ملخصــــها وتارة أشاهد ردود الأفــــعال للمدريديستا والأنتي مدريديستا وتارة أشاهد ردود الأفعال لمدربي ولاعبي الفرق التي نافست الريال في تلك الأدوار. لقد برهن ريال مدريد لكل عشاق الساحرة المستديرة في الموسم الماضي أنه لا مستحيل في كرة القدم وأن من يمثل ريال مدريد لا يعترف بالفشل وليس في قاموسه كلمة إستسلام حتى صافرة التسعين ... وأن ملوك مدريد يحملون شعار نادي القرن بقلوبهم وأرواحهم ولسان حالهم يقول للجميع أنا في ريال مدريد فماذا أريد أكثر من ذلك ... اللاعبون عرفوا نوعا من الحب لا يمكن للحياة أن تعطيهم إياه إلا في ريال مدريد فحب الريال شعور يمتلك القلب إلى الأبد وتجعل سعادة اللاعب فيما يمكنه منحه للريال بالمقابل ... وبإختصار شديد ريال مدريد هو طريق لفهم الحياة وهو تاريخ يكتب بين ماض تليد وحاضر مجيد ... هو قصص تروى على أسماع العاشقين والمتيمين به حتى النخاع منذ بداية عهده وحتى اليوم ... الميرنجي الريال هو مملكة الحب والعطاء والسعادة التي لا تغيب عنها شمس البطولات والألقاب وعشاقه في كل مكان وزمان ... ريال مدريد الأمس واليوم والغد قصة إبداع واقعية وحقيقية تفوق الخيال.

فرغم أن قرعة دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي لم ترحم النادي الملكي ولكنه ظل صامدا لم تهزه قوة المنافسين ... فقد أوقعته القرعة ضد باريس سانت جيرمان المدجج بالنجوم في دور ألـ16 فأقصاه الريال ومضى في طريقه ... ومن ثم إصطدم بتشيلسي بطل النسخة السابقة من الأبطال في الربع نهائي فإنتصر عليه الريال وأقصاه ... وجاء الدور على مانشستر ستي المرشح الأبرز للبطولة في النصف نهائي ففاز عليه الريال ورمى به خارج البطولة ... وفي النهائي لعب الريال ضد ليفربول الرهيب فتغلب عليه وحقق اللقب الرابع عشر بالتمام والكمال مؤكدا به سطوته على كل المنافسين ... الريال منذ أمد بعيد بات ينافس دول أوروبا وليس أنديتها فكما تعلمون أن كل أندية البريمرليج تمتلك أربع عشر لقبا من أبطال القارة الأوروبية (أكثر دولة توجت بالبطولة بعد إسبانيا) والريال وحده يملك نفس الرقم وهذا ما مكن الميرنجي من أن يقف في وجه القارة العجوز بأكملها فبكل تأكيد هنالك أندية كرة القدم وهنالك ريال مدريد ... فالريال هو العنصر الدائم والثـــابت في المعادلة الأوروبية والبقية عناصــر طارئة ومتغيرة في تاريخها.

من غير الريال جعل مدرب باريس سانت جيرمان الفرنسي Mauricio Pochettino يبكي ويتحسر وهو يشاهد فريقه بكوكبة النجوم المرشحين للبطولة يسقط ويتهاوى أمام جبروت ملك كرة القدم في دقائق معدودة وقد تألم كثيرا من مباراة العودة في البرنابيو ولا زلت أعتقد أنه يتألم إلى الآن وسيستمر ألمه كثيرا كلما يرى حكومة مدريد الأسطورة بنزيمة أو يتذكر هاتريكه الذي سجله في ظرف 17 دقيقة ... هذه الخسارة التي كانت القشة التي كسرت ظهر البعير وبالعربي الفصيح هذه الخسارة مهدت الطريق لطرد المدرب Pochettino من منصبه من قبل ناصر الخليفي (الأعرابي) رئيس نادي البترودولار الباريسي الذي يصرف كل موسم مئات الملايين من الدولارات القطرية من أجل حلم القبض على الغالية ذات الأذنين ولكن هيهات هيهات فالمجد لا يشترى بالأموال ولكن بعزيمة الرجال وبالروح وبالتضحية وبعدم الإستسلام والقتال حتى النهاية كما فعل ملوك مدريد.

ومن غير الريال أخرج مدرب تشلسي الإنكليزي Thomas Tuchel من طوره وجعله يتصرف كالمجانين على أرضه وبين جماهيره حين سجلت حكومة مدريد هاتريكا جديدا في شباك فريقه بطل النسخة السابقة من دوري الأبطال ومن ثم جعله يعيش حلم الريمونتدا على أرض الملوك البرنابيو ومن ثم تهاوى حلمه أمام ناظره وتحول لسراب يحسبه الضمأن ماءا بهدف من الشاب رودريجو وهدف من الحكومة ... الريال أعطى للمدرب Tuchel ولفريقه تشيلسي أملا بالحياة في البرنابيو في مباراة العودة وحين كانت المباراة تلفظ انفساها الأخيرة عدل رودريجو الأوتار وبعدها أسقطهم بنزيمة بالضربة القاضية برأسية متقنة رمتهم خارج أسوار الأبطال ... نعم أحبتي هذا الريال جيناته جينات الأبطال لا تقبل الإستسلام والخضوع.

ومن غير الريال أفاق - من يسمي نفسه فيلسوف كرة القدم - مدرب مانشستر ستي الإنكليزي Pep Guardiola من حلمه الوردي بكابوس فظيع في آخر أنفاس المباراة بهدفين من رودريجو البديل السوبر الذي أرعب كل خصوم الريال ومن ثم ضربة جزاء من الحكومة بنزيمة تقضي على آمال عودتهم من جديد ... Guardiola المعروف بخططه وتكتيكاته وفلسفته التي لا تنتهي ... حسب هذا المتفلسف كل شيء ولكنه نسي روح مدريد وخطط لكل شيء ولكنه نسي أن الميرنجي يمرض ولا يموت وتوقع كل شيء إلا أن ينتفض الريال ويعود من جديد حين كان المباراة تلفظ أنهاسها الأخيرة ... Guardiola ورغم الإنتدابات الكبيرة والكثيرة والميزانية المفتوحة له في قلعة الاتحاد إلا أن تاريخ الريال وقميصه الناصع البياض ولاعبيه الفرسان وقفوا شوكة في حلقه هو وفريقه فأرعبهم وسلبهم الفرحة وقطفوا التأهل في آخر اللحظات ... خصوم الريال صرفوا الأموال الطائلة واشتروا ما بدا لهم من النجوم ظنا منهم بأنهم قادرون على الإطاحة بالريال ولكن الحقيقة شيء آخر فأحلامهم جزء من ماض الريال وأما حاضرهم فلن يصل حتى لنصف ما وصل إليه فرسان الريال ... فالريال هو تاريح دوري ابطال أوروبا نفسه بل هو دوري أبطال الريال فكيف يتنصر عليه من لا تاريخ له.

وحين وصل الملوك لملاقاة ليفربول كنت واثقا من فوزهم باللقب بعد الملاحم الثلاث بريمونتادات متتالية من وحي الخيال ضد P$G وتيشلسي والستي ... فبين وعيد وتهديد محمد صلاح وأنه سيأخذ بثأره من الريال من هزيمة نهائي الأبطال سنة 2014 وبين الثقة العمياء لمدرب ليفربول Jürgen Klopp بأنه حتما سيفوز باللقب السابع لفريقه نسي هؤلاء أن النهائيات تكسب ولا تلعب إلا الريال يلعبها ويكسبها ... وليكن هذا درسا للفرعون المصري بأن يتأكد أن لا يكون خصمه الريال حين يتوعد ويهدد فليس الريال من يستفز بالتهديد والوعيد ... كان من الضروري الفوز باللقب حتى تظل تلك الملاحم الثلاث في ذاكرة الجميع وكما قال الأسطورة كاسياس هذه الإنتصارات الثلاثة كانت كالكعكة التي ينقصها حبة الكرز فلن يتذكر أحد ما قام به الريال ضد الثلاثي P$G وتيشلسي والستي إن لم يفز بالنهائي ويضيف لقائمة ضحاياه ليفربول ... وأتذكر قول راؤول غونزاليس عن هذه الريمونتادات (ما يحدث في ريال مدريد لا يمكن تفسيره وهذه الأمسيات السحرية تحدث فقط في ريال مدريد) ... كما أعجبني كثيرا ثقة ديفيد ألابا بنفسه وبفريقه وبشخصيتهم الفريدة حين قال (نحن ريال مدريد وسنذهب إلى باريس من أجل الفوز لا غير فنحن فريق يعود دائما ولا يستسلم على الإطلاق).
ما حققه الريال الموسم الماضي ما هو إلا من تلاحم كل ما هو ريالي معا بدءا بمدرب قدير يعرف كيف يسير مالديه من طاقات وموارد ... ومرورا باللاعبين الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل الشعار ... وإدارة ما فتئت تذلل كل العقبات من أجل أسم الريال وقميصه الناصع البياض ... وكادر فني وطبي بذل كل ما في وسعه من أجل الحفاظ على سلامة اللاعبين من الإصابات وجعل الحالة البدنية لجميع اللاعبين كأنهم في ريعان الشباب ولوكا مودهش صاحب الستة والثلاثين عاما خير مثال ... وفوق كل هذا وذاك فتاريخ الريال وأسمه يكفي لكي يرعب كل الخصوم والأعداء.

وختاما أتمنى أن أكون قد وفقت في طرح فكرتي وأوصلت لك أيها القارئ الكريم ما كان في خاطري يصول ويجول ... فإن كنت مصيبا في رأيي فشاركني فيه وإن كنت مخطئا فبين لي ما أخطأت فيه برد جميل ... والله العظيم أسأل لي ولكم التوفيق والسداد إنه على كل شيء قدير وعلى المودة أترككم وعلى الخير بعون الله سنلتقي من جديد ومن الله التوفيق وإليه المآل والمصير.