السلام عليكم... هذا المقال يتحدث عن الأسطورة داني ألفيش وقد نشره موقع الجزيرة وهو مقال طويل ولذلك سيكون على عدة أجزاء ونبدأ على بركة الله في الجزء الأول، وأتمنى أن ينال المقال رضاكم إن شاء الله.

في السادس من فبراير/شباط المنصرم، نجح برشلونة في الفوز على أتليتكو مدريد.
كان الأمر مفاجئا لأننا لا نتذكَّر آخر مرة فاز بها البارسا أمام خصم كبير، إذا ما اعتبرنا الأتليتي كذلك.
لم يكتفِ الفريق بالعودة سريعا بعدما كان خاسرا، ولم يقتصر على أربعة أهداف في شباك سيميوني، بل الأهم أنه هيمن على المباراة بالطول والعرض ومنحنا نفحة من نفحاته القديمة.
مع أداما كانت كل كرة بمنزلة مشروع هدف كما لو كان ليو ميسي.
نجح الابن الضال في خطف الأضواء بسبب فاعليته في مواجهات "1 ضد 1″، لكن في ذاك اليوم، لم يكن تفوُّق برشلونة مُتعلِّقا بجودة أداما تراوري بقدر ما كان مُتعلِّقا بمساهمات داني ألفيش، حيث كان كل شيء يدور في فلك البرازيلي، الذي قرَّر برشلونة أخيرا إعادته بعد سنوات محبطة من البحث الدؤوب.
سارت تكهنات صحف كتالونيا حول أسباب عودة ألفيش في اتجاه "قيمي"، حيث حصروا مهامه في كونه قائدا إضافيا من شأنه تمرير قيم النادي للشباب ومساعدة تشافي في إعادة الإيمان للفريق بعد سقطاته المتتالية، واستبعد الجميع أي إضافة رياضية قد يُضيفها البرازيلي كونه على مشارف الأربعين، وربما كان ذلك منطقيا، لكن المتابع الجيد لمسيرة داني ألفيش لا ينبغي له أن يقع في فخ توقُّعه، لأنه ببساطة غير قابل للتوقُّع، وبعودته فقد جعل الفريق كذلك أيضا، وفتح احتمالات تكتيكية لا نهائية على أرض الملعب.
إلى الداخل
"في هذه الأيام، اعتاد كل اللاعبين تقريبا على أداء واجبات خارج الوصف الوظيفي الأساسي لمراكزهم، المدافعون لا يدافعون فقط، والمهاجمون أيضا لا يهاجمون فقط، والآن، على ما يبدو، الأظهرة ليسوا بالضرورة على الأطراف، ولم يعودوا دائما بالخلف".
كانت هذه كلمات الكاتب والمحلل الإنجليزي "مايكل كوكس" بعد تفشي موضة الأظهرة التي لم تعد أظهرة، أو بالأحرى التي تترك موقعها "التقليدي" على الطرف وتتمركز في عمق الملعب.

نحن نعلم أن كرة القدم لعبة عتيقة تُمارَس منذ أكثر من 150 عاما، لذا فإن معظم الأفكار التكتيكية الحديثة ليست وليدة اللحظة، بل استُخدِمت سابقا في وقت من الأوقات، لذا ما نراه الآن من أفكار لم يُخترَع من المدربين الحاليين، ولكن استُدعِيَ من الماضي حينما اقتضت الضرورة من حيث المناخ الخططي الحالي للعبة وخصائص اللاعبين، بما في ذلك أدوار الأظهرة حاليا التي تُصنَّف "أظهرة وهمية"، ودائما ما نُسبت إلى بيب غوارديولا، لكن بيب بريء من ذلك الاختراع.
ربما كان أول ظهور للأظهرة في مواقع داخلية مع يوهان كرويف في برشلونة، حينما استخدم ظهيريه سيرجي وفيرير في مواقع داخلية، بنِيَّة إضافة خيارات تمرير إضافية بين خط هجوم ووسط الخصم في مرحلة التقدُّم إلى نصف ملعبه، وفي أوقات أخرى لتثبيت مهاجمي الخصم وعدم السماح لهم بضغط بيب غوارديولا حينما كان يهبط إلى الخط الخلفي للمشاركة في مرحلة بناء اللعب.

هذا هو ما أخذه بيب نفسه لاحقا، واستخدمه لأهداف متعددة في بايرن ومن ثم مانشستر سيتي، ليس فقط في مراحل الحيازة، ولكن في المراحل الدفاعية أيضا، وخاصة أثناء التحولات الدفاعية، حيث استخدم الأظهرة لأداء مهام وقائية هدفها وأد التحولات في بدايتها قبل تعاظم خطورتها، ومحاولة صنع تحولات مضادة من خلال استعادة الكرة في مناطق الخصم.
إذن يمكن تلخيص مزايا تحريك الأظهرة للداخل بالكرة وبدونها من حيث المفهوم كالتالي؛ في حال "امتلاك الكرة" توفر الأظهرة الداخلية خيارات تمرير إضافية لفريقها أثناء الحيازة، خاصة إذا كانت الكرة في الجانب المقابل للظهير الداخلي، وبما أن هناك خيار تمرير "إضافيا" فإن هناك فرصة إضافية لـ "سحب" لاعب إضافي من الخصم في تلك المساحة، ما يعني تفريغ مساحة في مكان آخر يستطيع زميل في الفريق استغلالها، كما يترتَّب على التمركز الداخلي للظهير عادة تفريغ مساحة شاسعة للجناح في الجهة نفسها، أو على الأقل التسبُّب في وضعه في موقف "1 ضد 1".
أما "بدون الكرة"، تُمثِّل الأظهرة الداخلية أول موجة ضغط لفريقها عند فقدان الكرة، خاصة إذا ما نجحت في تتبُّع مهاجمي الخصم أثناء الحيازة وقائيا، كما أن تمركزهم الداخلي، من وجهة نظر "موضعية" (Positional)، يساعدهم على الارتداد لمناطقهم في وقت أسرع نظرا لاختصار المسافة المقطوعة ابتداء، من الطرف إلى العمق، على عكس إذا ما كانوا متمركزين على الطرف في الثلث الأخير تقليديا في تلك المرحلة، وقتها سيكون عليهم قطع نحو 80 مترا للارتداد، وذلك لا يُعَدُّ حلا مثاليا لإبقاء الأظهرة نشطة دوريا خلال المباراة.
نهاية الجزء الأول وإلى الملتقى مع الجزء الثاني، على أمل أن يتم التفاعل مع المقال، من خلال تعليقاتكم وملاحظاتكم القيمة، ولكم مني أطيب تحية قلبية.